ما هو مفهوم جودة المراجعة الخارجية وما هو مدي تأثيرها علي إدارة الأرباح / الجزء الثاني / إدارة الأربــــــــــــــــاح
ما هو مفهوم جودة المراجعة الخارجية وما هو مدي تأثيرها علي إدارة الأرباح / الجزء الثاني / إدارة الأربــــــــــــــــاح
الجزء الثاني
2 -إدارة الأربــــــــــــــــاح
تتفق الدراسات المحاسبية جميعها على أن
القوائم المالية وما تقدمه من معلومات مالية تعتبر ملخصًا إحصائيًا غاية في الأهمية
عادة ما يتم الاعتماد عليها في تقييم الأداء حتى أنه يتوقف عليها إبرام الاتفاقات بين
الشركة وبين الأطراف الأخرى.
ولضمان سلامة هذه المعلومات أصدر معهد المحاسبين
القانونيين الأمريكي (AICPA)
مجموعة من المعايير من أهمها: -قائمة معايير رقم (57) (مراجعة التقديرات المحاسبية)
وقائمة معايير المراجعة رقم (82) (اكتشاف التلاعب عند مراجعة القوائم المالية) وقائمة
معايير المراجعة رقم (89) (مراجعة التسويات المحاسبية) قائمة معايير المراجعة رقم
(90) (الاتصال بلجنة المراجعة).
كما قدم مجلس معايير المحاسبة الأمريكي
FASB)) إطار متكامل لجودة الأرباح
من خلال توصيات خلصت إلى أهمية توفير المعلومات المفيدة بالقوائم المالية على أن تتصف
هذه المعلومات بخاصيتين أساسيتين: -الأولي هي المناسبة بحيث تفيد معرفتها متخذ القرار،
والخاصية الثانية هي إمكانية الاعتماد عليها بحيث تعطي انعكاس صادق للوضع الاقتصادي
الحقيقي.
وجاء ذلك بغرض الحد من سلوك إدارة الأرباح،
خاصة بعد الفضائح المالية والمحاسبية التي ظهرت مؤخرا (مثل شركة Enron الأمريكية،
وشركتي Hausipe، Lernout
في بلجيكا) والتي دفعت للتساؤل حول مصداقة الأرباح التي تقدمها القوائم
المالية، وهو ما ساهم في ظهور العديد من التشريعات والتوصيات التي أشارت لإجراءات خاصة
عند إعداد القوائم المالية بما يضمن الحد من عدم تماثل المعلومات بين الإدارة والمساهمين،
وتقليل عمليات إدارة الأرباح وهنا نعرض لمفهوم إدارة الأرباح وأساليب ومؤشرات ممارسته
وأثار ذلك.
2 / 1 تعريف إدارة الأربــاح: -
يمكن تعريف إدارة الأرباح علي أنها تدخل
متعمد في عملية إعداد التقارير المالية الخارجية بنية تحقيق بعض المكاسب الخاصة ، وهو
سلوك تقوم به الإدارة ويؤثر علي الدخل الذي تظهره القوائم المالية ، ولا يحقق مزايا
اقتصادية حقيقية ، وقد يؤدي في الواقع أضرار في الأجل الطويل وتتحقق إدارة الأرباح
عندما يقوم المديرين باستخدام الحكم الشخصي في إعداد التقارير المالية ، وإعادة هيكلة
العمليات بهدف تعديل التقارير المالية إما لتضليل المساهمين بشأن الأداء الاقتصادي
للشركة أو لإبرام تعاقدات تعتمد علي الأرقام المحاسبية .
وبالرغم من وجود اتفاق عام على أن إدارة
الأرباح تؤدي إلى تحريف الأداء الحقيقي للشركة، وهو ما يمثل ابتعاد عن المدخل الأخلاقي
للمهنة إلا أن الإدارة عندما تلجأ إلى إدارة الأرباح فإنها تستند إلى المبررات الأتية:
-
- أنها لا تخالف القواعد القانونية سواء كانت عامة أو خاصة بالنشاط.
- أنها لا تخالف المبادئ المحاسبية المتعارف عليها.
- أنها لا تتجاوز نطاق سلطاتها.
2/2 دوافع وحوافز سلوك إدارة الأرباح: -
يوجد دافعان لإدارة الأرباح هما: الأول
تحقيق منافع ذاتية للإدارة، وعندئذ يكون الدافع انتهازيا (Opportunist)،
والثاني التأثير على مستخدم المعلومات المحاسبية عن طريق إظهار دخل المنشأة بما يحقق
التوازن بين العائد ودرجة المخاطرة وذلك بهدف ضمان بقاء واستمرار المنشأة في سوق المنافسة
وعندئذ يكون الدافع هو كفاءة المنشأة (Efficiency).
أما عن حوافز الإدارة في سلوك إدارة الأرباح
فيمكن سردها في ثلاثة حوافز أساسية قد تنطوي على دافع انتهازي أو دافع الكفاءة أو على
الدافعين معا كما يلي: -
حوافز تعاقدية: فعندما يكون التعاقد بين
الشركة والأطراف الأخرى مبنيا على النتائج المحاسبية فإن ذلك يولد الحافز لدي المديرين
لإدارة الأرباح.
حوافز السوق: فعندما يدرك المديرين وجود
علاقة بين الأرباح المعلنة والقيمة السوقية للشركة يظهر حافز إدارة الأرباح بنية التأثير
على السوق.
الحوافز التنظيمية: فعندما يكون هناك اعتقاد
بأن للأرباح المعلنة تأثير على عمل واضعي التشريعات أو المسئولين الحكوميين.
2/3 بعض أساليب إدارة الأرباح: -
يتطلب نظام المحاسبة علي أساس الاستحقاق
– وفقا لمعايير المحاسبة المتعارف عليها – من المديرين القيام بوضع العديد من التقديرات
المحاسبية التي لها تأثر جوهري على الأرباح المعلنة، ومن بين أحكام التقديرات المحاسبية
التي يمكن أن تؤثر على الأرباح أو أخر ما يلي: -
يجب أن يظهر المخزون بالدفاتر علي أساس
التكلفة أو السوق أيهما أقل، ويمكن للمديرين استخدام قيم سوقية متفائلة للتأثير بالتخفيض
قيمة المخزون ومن ثم ممارسة إدارة الأرباح.
تتطلب عقود الإنشاءات طويلة الأجل تقديرات
تتعلق بالتقدم في إنجاز الأعمال وتكلفة الإنجاز وبالتالي يمكن للمديرين أن يستخدموا
تقديرات متفائلة للتقدم في انجاز الأعمال وذلك بغرض تضخيم الأرباح أو العكس.
يتطلب احتساب الإهلاك تقدير العمر الإنتاجي
وقيمة الخردة للأصول القابلة للإهلاك، وبالتالي يمكن للمديرين أن يستخدموا تقديرات
متفائلة للعمر الإنتاجي، وقيمة الخردة وذلك لتدنية مصروف الإهلاك بنية تضخيم الأرباح.
يجب أن تظهر حسابات العملاء بالقيمة الصافية
القابلة للتحقق، وبالتالي يمكن للمديرين أن يستخدموا تقديرات متفائلة للقيم القابلة
للتحصيل بغرض تخفيض مخصص الديون المشكوك في تحصيلها ومن ثم تضخيم الأرباح.
يجب تصنيف التكاليف إلى تكاليف إنتاج وتكاليف
فتترية، ويمكن للمديرين أثناء فترات نمو المخزون تصنيف بعض التكاليف الهامشية ((Borderline Cost كتكاليف
إنتاج بدلا من تكاليف فتترية مما يؤدي إلى تدنية المصروفات ومن ثم تضخيم الربح.
يجب إهلاك التكاليف المدفوعة مقدمًا مقابل
ضمان الأصول على فترة الاستفادة من هذا الضمان ويمكن للمديرين من خلال التقديرات المتفائلة
لتكاليف الضمان تخفيض المصروفات الحالية بهدف تضخيم الأرباح.
يجب الاعتراف بأرباح بيع الأصول بالكامل
في فترة البيع، ويمكن للمديرين التلاعب بتوقيت بيع الأصول كالأوراق المالية والأصول
الثابتة، مما يؤدي إلى تدعيم الأرباح.
يمكن للمديرين تحفيز العملاء على التعجيل
بالشراء عن طريق تخفيض السعر بغرض زيادة المبيعات، ومن ثم تدعيم الأرباح.
2/4 نتائج إدارة الأرباح: -
لا جدل في أنه على الرغم من إمكانية تحقيق
ممارسات إدارة الأرباح لمنافع اقتصادية للمنشأة في الأجل القصير إلا أنها تؤدي إلى
مشاكل خطيرة في الأجل الطويل منها: -
تخفيض قيمة المنشأة: بسبب الأثر السلبي
طويل الأجل الناجم من ممارسات الإدارة في إدارة الأرباح كتعجيل الإيراد والذي قد تكون
تكلفة الفرصة البديلة له غير منصفة كالبيع بأسعر منخفضه قبل إعداد القوائم مباشرة لتعظيم
المبيعات رغم وجود فرصة أفضل للبيع ولكن بعد تاريخ إعداد القوائم، كذلك تأخير المصروفات
الاختيارية كالصيانة وحوافز الإنتاج ومصروفات التدريب والتطوير والتي يمكن أن تؤدي
لخسارة الإنتاجية.
- إخفاء مشاكل الإدارة التشغيلية: حيث لا تقتصر ممارسات إدارة الأرباح على الإدارة العليا فقط بل يمكن للإدارة التشغيلية معالجة البيانات المالية بهدف الحصول على المكافأة والترقيات، وهو ما يؤدي إلى إخفاء مشاكل، وإبقاء أخطاء دون تصحيح.
- العقوبات الاقتصادية وإعادة إعداد القوائم المالية.
- تلاشي المعايير الأخلاقية.
2/5 الإشارات التحذيرية لإدارة الأرباح: -
ينبغي على المراجعين، والمحللين الماليين،
والمستثمرين البحث بعناية عن أي إشارات تحذيرية تشير إلي وجود إدارة الأرباح ومن أمثلة
هذه المؤشرات: -
- تدفقات نقدية لا ترتبط بأرباح.
- حسابات عملاء لا ترتبط بإيرادات.
- مخصصات ديون مشكوك في تحصيلها لا ترتبط بحسابات العملاء.
- احتياطيات لا ترتبط ببنود الميزانية العمومية.
- الأرباح التي تتفق بدقة وبصفة دائمة مع توقعات المحللين الماليين.
3 – العلاقة بين جودة المراجعة وإدارة الأرباح
يظهر الطلب علي خدمات المراجعة كنتيجة للحاجة
إلي تحسين العلاقة بين الأطراف المشاركة في الأعمال كالملاك، والدائنين ، والسلطات
العامة ، والعاملين ، والعملاء .، حيث تهدف المراجعة إلي تخفيض عدم تماثل المعلومات
بين هذه الأطراف بفضل ارتباط جودة المراجعة العالية بمستوي منخفض من عدم تماثل المعلومات
وذلك من خلال إضفاء المصداقية علي القوائم المالية المعدة .
وقد أكدت الأبحاث والدراسات - رغم إختلاف
بيئات تطبيقها - علي سلبية العلاقة بين جودة المراجعة وإدارة الأرباح ، حيث خلصت جميعها
إلي أن جودة المراجعة ( والتي سبق أن تعرضنا لتعريفها ومقايسها) تؤدي إلي الحد من ممارسات
الإدارة في إدارة الأرباح.
4- النتائج والتوصيات
توصلنا في هذا البحث إلي أهمية المعلومات
التي تقدمها القوائم المالية للأطراف المشاركة في الأعمال ، ولكن بسبب تعارض المصالح
بين هذه الأطراف ظهرت أساليب وممارسات لإدارة الأرباح بشكل يحقق مصالح لطرف علي حساب
الطرف الأخر.
نتيجة لهذه الممارسات ونظرا لأهمية ضمان
صدق هذه المعلومات المحاسبية إهتمت المنظمات والجهات المختلفة بسن التشريعات ونشر التوصيات
التي تضمن تقليل خطر عدم تماثل المعلومات بين الأطراف .
توصلنا أيضا إلي فهم عملية المراجعة وتقييم
وقياس مدي سلامتها من خلال معايير ومقاييس سبق تطبيقها في بيئات مختلفة يمكن الإعتماد
عليها عند قياس جودة المراجعة ومن أهمها : حجم منشأة المراجعة ، سمعة منشأة المراجعة
، مراقبة المراجعين والتفتيش علي أدائهم ، تخصص المراجع في النشاط موضوع عملية المراجعة
، تعرض المراجع للمساءلة القانونية ، تأهيل المراجع وخبراته .
كما أمكن تعريف مفهوم إدارة الأرباح وتفهم
دوافع ومحفزات الإدارة نحوممارسته ، وتعرضنا لبعض من أمثلة هذه الممارسات في الواقع
العملي وكذلك مقترحات لما تناولة الباحثون بعنوان بالإشارات التحذيرية والتي تفيد في
التنبؤ بوجود إدارة أرباح عند التعامل مع المعلومات المحاسبية، والتقارير المالية
.
ونظرا لما توصلنا إليها من علاقة إيجابية
بين جودة المراجعة والحد من ممارسات الإدارة في إدارة الأرباح خاصة بعد بيان الأثر
السلبي لهذه الممارسات في الإضرار طويل الأجل بمصالح المنشأة والأطراف المتعاملة معها
فإننا يمكن أن نقترح الأتي :-
- الإهتمام بالمدخل الأخلاقي في إعداد المناهج الدراسية لدارسي العلوم المحاسبية والمراجعة حتي يتم زرع السلوك المهني الراقي كركيزة لمزاولة المهنة .
- سن التشريعات الرقابية التي تتيح التفتيش الدائم علي شركات المراجعة ، وربما وضع تصنيف لهذه الشركات بناء علي نتائج هذا التفتيش وتقييم الأداء بما يمثل الرادع والحافز الذي يمنع من الإنسياق في منحدر التلاعبات والإهمال ، ويشجع علي بذل العناية المهنية الواجبة .
- الإهتمام بتدريب المراجعيين وتوفير منح دراسية لهم لنيل التأهيل العلمي الراقي ، والشهادات المهنية العالمية وكذلك الإهتمام بتوفير الدورات في المحاسبة المتخصصة لتكوين الخلفية العلمية السليمة للمراجع نحو بيئة عمله.
- إعادة النظر من خلال تكثيف البحوث في المعالجات المحاسبية التي تترك مجالاً واسعًا وغير محكوم لإستخدام الحكم الشخصي والتقدير ، أملاً في الوصول إلي توصيات ومقترحات من شأنها صياغة معايير تلغي أخطار عدم تماثل المعلومات ، وممارسة أساليب التلاعب وإدارة الأرباح .
- الإهتمام بنظم المراجعة الداخلية للشركات محل المراجعة لما يمكن أن تلعبه من دور في تقليل التلاعب في التقارير المالية ، وتسهيل عمليات المراجعة الخارجية .
- وتأتي هذه المقترحات بدافع: الحفاظ علي المدخل الأخلاقي للمهنة لمقابلة الخطورة البالغة لإحتمالية فقدان ثقة المستثمرين في معايير المحاسبة والمراجعة المتعارف عليها ، في حالة عدم قدرة أو عجز هذه المعايير عن الرقابة الصارمة علي تجهيز المعلومات المالية ومصداقية نقلها.وأنطلاقنا من الإحساس بالمسئولية المنوطة علي عاتقنا نحن المحاسبين والمراجعين نحو مهنتنا الراقية .
للاطلاع علي الجزء الاول /
التعليقات على الموضوع