اعلان

الإطار النظري للمحاسبة الحكومية وآفاق تطورها

 

          الإطار النظري للمحاسبة الحكومية وآفاق تطورها

الإطار النظري للمحاسبة الحكومية وآفاق تطورها


أولا / المفاهيم المحاسبية

تعد مصلحات المحاسبة الحكومية ومفاهيمها جزءا من مفاهيم المحاسبة، فمصطلح الإيرادات يعني مجموعة الأموال التي تحصل عليها الوحدة سواء كانت هذه منشأة اقتصادية هادفة للربح أم هيئة ذات طابع إداري   تهدف إلى تقديم خدمات عامة، ولتمييز إيرادات الأخيرة تم الاتفاق على تسميتها بالإيرادات العامة وكذلك الأمر بالنسبة للنفقات العامة

وفي كلتا الحالتين تتم مقابلة الإيرادات بالنفقات للتوصل. إلى النتيجة ففي المنشآت

الاقتصادية تمثل النتيجة الربح أو الخسارة، وفي الوحدات الإدارية تمثل النتيجة العجز أو الفائض

 

ثانيا / الفروض المحاسبية

1)     فرض  الوحدة  المحاسبية :  إن  فرض  الوحدة  المحاسبية  ضروري  سواء المنشآت  الهادفة للربح أم في الوحدات الحكومية ذات الطابع  الإداري ، فالوحدة المحاسبية  هي وحدة  اقتصادية أو إدارية  وإن الاختلاف في طبيعة تحديد الوحدة المحاسبية في كل فرع من فروع الَمحاسبة ينبع أصلا من الاختلاف في أهداف هذه الوحدات، فالوحدات التي تهدف إلي الربح تتمتع عادة بالشخصية المعنوية أو الطبيعية  ولها رأسمال محدد، الغرض من  المحاسبة المالية هنا قياس الربح، أما الوحدة المحاسبية الحكومية  فليس  لها شخصية  معنوية مستقلة  وليس لها استقلال مالي وإنما هي عبارة عن أموال مخصصة لنشاط  معين لا يترتب علي نشاطها  نشوء حقوق والتزامات عليها بصفة  مستقلة

2)    فرض استمرار الوحدة المحاسبية: يطبق هذه الفرض في الوحدات الحكومية مثله في المنشآت الاقتصادية فالمحاسبون في الوحدات الاقتصادية يقومون بإعداد الحسابات الختامية في نهاية كل دورة على الرغم من كل ذلك يؤثر على موضوع الافصاح لتحديد نتائج الاعمال ولو بشكل قريب من الواقع مع فرض أن الوحدة مستمرة، ولا يعني هذا المنشآت ستظل قائمة بصفة دائمة   ولكن يعني ستظل لمدة كافية لتنفيذ الخطط الموضوعة المختلفة خمس سنوات، عشر سنوات

أما في المحاسبة الحكومية فإن استمرار الوحدة نابع من سببين:

·        إن الحكومة عند إنشاء مثل هذه الوحدات تريد لها الاستمرار في تقديم الخدمات للمجتمع دون مقابل أو مقابل رسوم لا تغطي التكلفة

·        إن هذه الوحدات الحكومية، ومن أجل تحقيق أهدافها تقوم بتنفيذ الخطط الموضوعة لها بشكل مسبق والملحوظة في الخطط المتوسطة والطويلة الأمد وهذا يضفي عليها نوعا من الاستمرار النسبي

3)     فرض  القياس  النقدي :  لكي  يتمكن  المحاسبون من  قياس النتائج  والاستمرار في  إثبات  العمليات وتصوير الحسابات واستخراج البيانات، فإنهم يفترضون أن وحدة  النقد وحدة  قياس نمطية ملائمة، وتستخدم العملات المحلية  كوحدة   قياس نقدية، وحتي تقوَم بدورها كوحدة  قياس نمطية  مفيدة يجب  ألا تتغير قيمتها بمرور الزمن، ويصعب تحقق هذا  الهدف الوقت الحاضر نظرا  للارتفاع المستمر في الأسعار  في جميع أنحاء العالم، وإن ارتفاع الأسعار والاتجاهات التضخمية السائدة تؤدي إلي انخفاض قيمة العملات ويؤدي هذا بطبيعة الحال إلي جعل فرض القياس النقدي من أكثر الأمور التي تثير الجدل في الفكر المحاسبي، كما أدي  إلي التضخم في زيادة أسعار السلع  والخدمات زيادة كبيرة فإن قيمة العملات تنخفض ويصبح فرض القياس النقدي أضعف الفروض المحاسبية وأقلها دقة

4)    فرض الفترات المحاسبية : ينطبق هذا الفرض علي المحاسبة العامة وعلي جميع فروعها كما أنه لا يمكن الوصول إلي نتائج دقيقة سواء في كل من قطاع الأعمال و القطاع الحكومي إلا إذا تحققت الأهداف المطلوبة بشكل كامل، ولا يتم ذلك إلا بعد تنفيذ الخطط وبالتالي يحتاج إلي وقت طويل أي عند انتهاء منشآت الأعمال  من أعمالها أو تنفيذ الحكومة لخططها ولكن أصحاب المنشآت والحكومة لا تستطيع الانتظار حتي تتم أعمال التصفية من الحصول علي نتائج دقيقة، وبالتالي فإن فرض الفترات المحاسبية بتقسيم حياة الوحدة إلي فترات محددة غالبا سنة ضرورية في كل فروع المحاسبة ففي المحاسبة الحكومية تتبع ضرورة هذا التقسيم من ضرورة مقابلة الإيرادات العامة بالنفقات العامة لمعرفة نتائج تنفيذ الموازنة وقياس أداء الوحدات الحكومية التي تقدم خدمات المجتمع

ثالثا/ المبادئ المحاسبية

1)    مبدأ التكلفة التاريخية: تعد تكلفة الأساس السليم والصحيح للمحاسبة عن الأصول والخدمات حيث يتم إثباتها في الدفاتر علي هذا الأساس ولكن يبقي الفرق الوحيد بين منشآت الأعمال والوحدات الحكومية في أن الأخيرة تعد الأموال المنفقة من أجل الحصول علي أصول أو خدمات هي مصروفات نهائية تخصم من الاعتمادات وذلك لانتقاء الغرض من توزيع هذه التكلفة علي السنوات التي تستفيد منها ويبرر المحاسبون استخدام التكلفة التاريخية كأساس للمحاسبة في جميع عناصر الأصول والخصوم بأن هذه التكلفة تكون عادة محددة أو يمكن تحديدها وأن استخدام أي أساس آخر غير التكلفة التاريخية

ولكن سيواجه هذا المبدأ بمشكلة تحديد قيمة الأصل أو الالتزام خاصة في حالات عدم البع أو التنازل وهناك انتقادات عديدة لهذا المبدأ وخاصة في حالات ارتفاع الأسعار التي أصبحت ظاهرة العصر الحديث وعند احتساب  الإهلاكان مما يؤثر علي نتائج قياس الدخل  ويعد هذا المبدأ أكثر ملائمة في المحاسبة الحكومية حيث ينتقي غرض قياس الدخل وبالتالي فإن الوحدات الحكومية لا تقيم وزنا للقيمة الاستبدالية أو البيعية، إذ تعد عملية اقتناء الأصول عبارة عن إنفاق للأموال العامة وتحمل قيمة الأصل كاملة علي سنة الشراء، وعند البيع تدخل هذه القيمة كإيراد يخص سنة البيع دون إجراء أي مقارنة بين سعر الشراء وسعر البيع

2)    مبدأ تحقق الإيراد ومقابلتها مع المصروفات: من المعروف أن الإيرادات تتحقق في منشآت الأعمال عند تحقق عملية البيع ويتم مقابلته بالمصروفات تلك الفترة أو المصروفات التي تتعلق بتلك الفترة لتحقيق مبدأ الفصل بين الدورات المحاسبية، ولكن في المحاسبة الحكومية تمثل الإيرادات والنفقات العامة تدفقات نقدية مستقلة من وإلي الوحدة الإدارية دون وجود ارتباط فيما بينها، ولذلك فإن تحقيق هذا المبدأ أمر غاية في الصعوبة من جهة وإن تحقيقه يحتاج إلي تكاليف إضافية من جهة أخري، ففي المنشآت الأعمال تتم مقابلة الإيرادات  بالنفقات علي أساس استحقاق كل منها ولكن في الوحدات الحكومية فإن الحكومات المختلفة في البلدان المختلفة تطبق أسسا متعددة من أجل هذه المقابلة نذكر منها أساس الاستحقاق المعدل والنقدي، هناك من يري أن الأساس الأخير هو الأكثر ملائمة للمحاسبة الحكومية علي الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه والتي من أهمها مقابلة الإيرادات التي تم تحصيلها مع النفقات الفعلية في نفس الدورة المحاسبية أمر بعيد عن الموضوعية والصحة ويبرر مؤيدي الأساس النقدي ذلك من حيث أن : الحكومة تهدف من تحصيل الإيرادات القيام بتغطية النفقات وبالتالي فإن مقابلة إيرادات ونفقات تتعلق بدورة واحدة ليس عملية ضرورية

 وأيضا يبرروا من حيث التكاليف المرتفعة لمثل هذه المقابلة وتعقيد السجلات من وراء تطبيق أساس الاستحقاق

3)    مبدأ التجانس: أي الثبات، من أجل الحصول علي معلومات قابلة للمقارنة لابد أن تكون منتجات النظم المحاسبية متجانسة، ففي منشآت الأعمال إذا ظهرت القوائم المالية الخاصة بفترة محاسبية أرباحا زائدة عن الفترة السابقة يكون من الممكن افتراض أن العمليات في هذه الفترة كانت أكثر ربحية، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الأرباح نتيجة تحسن الأداء فقد تكون تغير في المبادئ المحاسبية المتبعة ولهذا بعد الاستخدام المتجانس للمبادئ المحاسبية في نفس المنشأة أمرا ضروريا لإجراء المقارنات بين الفترات المحاسبية، وكذلك لكي تبقي المعلومات الناتجة عن النظام المحاسبي الحكومي قابلة للمقارنة لابد أن تكون متجانسة، ولا يعني ذلك أنه لا يمكن للحكومة أن تعدل عن استخدام بعض المبادئ إنما في حال ذلك يجب الإشارة له في التقرير المالي النهائي لقطع حسابات الحكومة

4)    مبدأ الإفصاح الكامل: يتطلب هذا المبدأ أن تكون البيانات أو القوائم المالية كاملة حيث تشمل المعلومات الضرورية كافة للتعبير الصادق، فإذا ترتب علي حذف أو استبدال بعض المعلومات من القوائم المالية أن تصبح مضللة، فإن الإفصاح عن مثل تلك المعلومات يصبح ضروريا والآن في منشآت الأعمال أصبح ينشر ملاحظات ومذكرات توضيحية مع القوائم المالية تستخدم كمكمل لمعلوَمات القوائم المالية، أما بالنسبة للمحاسبة الحكومية فإن الحساب العام الإجمالي لتنفيذ الموازنة يجب أن يحتوي علي معلومات مفصلة حول النفقات والإيرادات الفعلية، كما يجب أن يعد الحساب بما يتلائم مع تبويب المَوازنة من أجل خدمة أغراض المقارنة ويجب أن يظهر أسباب الانحرافات مبررة ومدي تحقق السياسة المالية للدولة في تقرير الحساب الختامي

5)    مبدأ الموضوعية (عدم التحيز): ينبغي أن تعتمد المحاسبة الحكومية على أدلة موضوعية كلما كان ذلك ممكنا، أي التعبير عن الأحداث الاقتصادية بمستندات تفصيلية للعمليات تمثل أدلة يسهل فحصها عن طريق اختبار الأدلة والحقائق التي تثبت وجودها

6)    مبدأ الأهمية النسبية: يرتبط هذا المبدأ بالإفصاح بشكل كبير لما من أهمية للإفصاح عن العناصر الأساسية ذات القيمة الكبيرة، حيث أنه في المحاسبة الحكومية يجب مثلا التركيز على الضرائب بشكل كبير لما لها من أثر على إيرادات الموازنة

7)    مبدأ الحيطة والحذر: يستخدم في المحاسبة الحكومية عند تحديد التقديرات الأولية لإيرادات ونفقات الموازنة العامة حيث يجب عدم المبالغة في تقديرها، وإن التطبيق السليم لهذا المبدأ يعني اختيار الطرق المحاسبية التي لا تؤدي إلى تخفيض أو زيادة النفقات والإيرادات وبالتالي التأثير على الموازنة العامة

 

من كل ما سبق يتضح لنا أن الأصل في القياس المحاسبي لعناصر الإيرادات وعناصر المصروفات سواء في المنشآت التجارية او الوحدات الادارية الحكومية هو الأساس النقدي " ثم " اساس الاستحقاق" أما عن " أساس الارتباطات " فهو مرحلة ما بين الأساسين بل ويعتبر في واقعة اساس مشترك بينهما وهذا ما يقوم عليه " أساس الاستحقاق ( النقدي ) المعدل " أو " الأساس المشترك " وعلى ذلك يمكن أن نلخص المزايا والفوائد التي يمكن تحققها عند تطبيق أي من النظامين الرئيسيين " الاساس النقدي " و " أساس الاستحقاق " ثم نقاط الضعف وعيوب كل منهما على النحو التالي :

مزایا وفوائد الاساس النقدي:

١-البساطة والوضوح والسهولة في التطبيق، حيث يعتمد على نظام

محاسبي بسيط وغير معقد فيمثل الحساب الختامي حركة عمليات الخزينة من مقبوضات ومدفوعات نقدية.

۲-يتميز بالموضوعية لابتعاده عن مخاطر التقدير الشخصي .

٣-امكانية اعداد الحسابات الختامية في وقت مبكر مما يضفي أهمية

خاصة على نشر الحساب الختامي باعتباره أحد وسائل الرقابة.

4-يمكن الاعتماد على النتائج التي تتحقق من تطبيق هذا النظام ف مجال اعداد الموازنة القادمة وفي مجال تنفيذ الموازنة العامة والرقابة عليها.

 

نقاط الضعف في الأساس النقدي وعيوبه:

1-لا يؤدي تطبيق هذا النظام إلى تصوير المركز المالي السليم

والصادق للوحدة واظهار النتائج الصحيحة، للأنشطة والأعمال.

 ۲-تطبيق هذا النظام يقلل من أهمية المقارنات بين السنوات المالية

بسبب تداخل أنشطة السنوات المالية المختلفة ببعض وتحميل كل سنة مالية بتكاليف تمت في السنوات الأخرى أو حرمان بعض السنوات من بعض مواردها واضافتها لموارد السنة التي يتم فيها التحصيل.

٣-لا يصلح هذا الأساس الا في توفير البيانات اللازمة لتحقيق

الأهداف التقليدية والمحددة لنظام المحاسبة الحكومية، ويعني ذلك انه لا يوفر البيانات اللازمة لتحديد تكلفة الانشطة والبرامج الحكومية وتحديد وحدة الانجاز او وحدة الخدمة المؤدات لأغراض قياس وتقييم الأداء الحكومي في استغلال الموارد المتاحة للوحدات الادارية الحكومية، وقياس فاعلية البرامج الحكومية طويلة الأجل لأن حسابات كل سنة مستقلة وقائمة بذاتها، وهذه هي الأهداف التي

 

الأساس المطبق في جمهورية مصر العربية:

 

يستخدم الأساس النقدي في مصر مع تعديل طفيف ببعض خصائص الاستحقاق وفقا للقواعد التالية:

(أ) بالنسبة للإيرادات يتبع الأساس النقدي (او قاعدة الخزانة) بمعنى

ان الإيرادات التي تؤخذ في الاعتبار هي المحصلة خلال السنة بصرف النظر عما إذا كانت تخص هذه السنة أو تخص سنوات أخرى، ولا يؤخذ في الاعتبار عند تسوية حسابات السنة أية -إيرادات تخص السنة ولم يتم تحصيلها بعد.

(ب) يطبق اساس الاستحقاق على المستلزمات السلعية والخدمية، ويتم

ذلك عن طريق تحميل الوحدات الإدارية بما يصرف لها من مهمات ومستلزمات وليس بما يتم شراؤه فعلا، الأمر الذي يتطلب معه ضرورة استخدام حسابات التسوية في هذا المجال.

هذا ويجوز ترحيل أرصدة بعض الاعتمادات الباقية إلى السنة التالية عن طريق تعليتها على حسابات الأمانات وذلك مثل المرتبات وما في حكمها والإعانات ولا شك أن في ذلك اتباع للأساس المشترك وخروج عن الأساس النقدي.

 

(أسباب وسبل تطوير المحاسبة الحكومية)

1)     إن قطاع الأعمال يستخدم أساس الاستحقاق لقياس الربح بينما قطاع الحكومة فيستخدم الأساس النقدي حيث يثبت في السنة المالية جميع ما تحصل عليه الحكومة وجميع ما تنفقه ولا يتم مقابلتها لعدم وجود قياس للربح ويتم إلغاء جميع وفورات الاعتمادات غير المستعملة التي لم تصرف لغاية 31/12، ومن ثم إن إتباع الأساس النقدي للحكومة يعطي صورة حقيقية للوضع النقدي للحكومة ويتم إعداد الحساب الختامي بوقت أسرع

2)     إن المنظمات التي تسعي للربح تفرق بين النفقات الإرادية والنفقات الرأسمالية، وإن كانت النفقات والإيرادات تظهر في الميزانية موزعة إلي جارية ورأسمالية والسبب في ذلك أن الوحدات الحكومية لا تمسك حسابات لأصولها وممتلكاتها بهدف احتساب  اهلاك لها، ولأن الحسابات الختامية الحكومية تهدف إلي معرفة نتيجة تنفيذ الموازنة فيما يتعلق بالإيرادات المحصلة و النفقات المصروفة ويعود سبب عدم تشكيل إهلاكات  للأصول الثابتة واعتبارها عبء علي الدخل كما في المنظمات التي تهدف للربح هو أن الأصول الثابتة يتم استبدالها بأموال مخصصة في الموازنة العامة لذا لا تمسك لها حسابات وإنما سجلات بيانية وهذا ما يضعف الرقابة علي هذه الأموال

ليست هناك تعليقات